Everitte Barbee

معرض الخط المعاصر في بيت الدين .. حروف تعيد رسم الواقع على طريقتها

الخميس 26 تموز 2012، آخر تحديث 13:09 رنا بو رسلان شوي

لكل أمة في التاريخ مرآة عاكسة لعقلها وذوقها في عالم الفكر والثقافة. فلا قيمة لأمة لا تمتلك إرثاً فنياً وإبداعياً وحضارياً وإبداعياً، لأنها تكون أمة بلا جذور وبلا هوية. والخط العربي يعتبر أحد معالم الحضارة في مجتمعنا. هو فن قائم بذاته يقوم على مواد وأدوات وقواعد معروفة تتحكم في أنماطه. وله قوانين تفرق بين أنواعه وطرق خاصة في تعليمه تطورت خلال قرون خلت. وهو يتمركز في ذروة العطاء الحضاري الاسلامي وفي قمة الابداع لأنه واسطة نقل العلوم والمعارف. فالخط لسان اليد ويد اللسان ورسول الفكر وترجمان القلب .

وفن الخط يضفي على اللوحة أو التحفة الفنية قيمة فنية عالية. وهو كفن الرسم يتشكل أولاً في الذهن ثم يظهر الى الوجود باليد والعين والارادة مستوحياً تزييناته من الروح الانسانية.

وبجانب مضمون وقيمة الخط الفنية والجمالية فإنه ايضاً يحمل رسالة ووسيلة من لأرقى الوسائل لإيصال المعرفة والثقافة بين الشعوب.

تاريخياً ، لم تتجاوز الكتابة العربية في صدر الاسلام سوى كونها أبجدية أولية ذات حروف متشابهة كثيرة. ثم جاء تطور الخط العربي في القرن الثاني للهجرة وتمثل في الخط الكوفي. وظهر له نقيض يتمثل بخط النسخ. ومن ثم تطور الخط وظهرت معه محاولات التركيب مثل الخط المحقق وغيرها.

ثلاثة خطاطون تشكل الروحانية والشاعرية ميزة مهمة وأساسية عندهم. يعشقون الكلمة ويتسامون معها الى أعلى درجات الحب والانعتاق. نجد لديهم الحروف متراصفة تبوح بعوالم شفافة في غاية الروعة. لا يكتبون حروفهم وكلماتهم بشكل مستقيم ولا يجمعوها في خط أفقي. فحروفهم تارة ترقص على وقع موسيقى وفق إيقاع بطيء وطوراً تبدو متعلقة في الفضاء .

يتعاملون مع الحروف كأنها كائنات حية قادرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر وعما يعتمر الذات من كوامن وأحاسيس. ولكن، تبقى لكل منهم لغته الخاصة، فالحرف عندهم مفهوم مفتوح وعالم لا ينتهي.

ثلاثة خطاطون جمعتهم موهبة مشتركة وعشق كبير للكلمة والحرف، إحتضنتهم مؤسسة "أرت لاونج" في مركزها الصيفي في معاصر بيت الدين حيث قدّموا معرضاً مشتركاً حمل عنوان "مكتوب" (معرض الخط المعاصر). ضم المعرض 36 لوحة توزعت في قاعة معمل الحرير القديم في بيت الدين.

جمانا مدلج

فنانة متعددة المواهب من مواليد بيروت درست تصمميم الاعلانات. تكتب قصص للأطفال وتعمل لصالح شركة أردنية متخصصة في الألعاب الالكترونية. تعلّمت الخط الكوفي على يد الخطاط سمير صايغ. في رصيدها الفني 50 لوحة. تقول في حديثها لـ"النشرة": لقد تأثرت كثيراً بأستاذي سمير صايغ ولكنني حاولت التجديد في الصيغة ولي في الشكل.
تابعت: بدأت أرسم لوحاتي بنفسي دون مساعدة من أحد منذ سنة تقريباً. وأول لوحة خططها هي كلمة "شوق".
وعن إختيار الكلمة قالت: حين أقرأ أي شيء أختار الكلمة التي تستهوتني أو تلمس ذاتي ، أدونها وأحاول ترجمتها على الورق . أنظر الى الهندسة التي تتكون منها ومن ثم أكتشف أين يمكنني الرسم.
تابعت: علم الخط يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالهندسة. يبنى عليها وتبنى عليه.
وعن المعرض قالت: إنه المعرض الأول لنا، إخترنا أن يكون في معمل الحرير القديم لما لهذا الموقع من تاريخ وتراث وهو يتماشى مع ما نقدم. قدمت فيه 13 لوحة. وأتمنى أن تتاح لي فرصة الانتشار أكثر.

زياد تلحوق

صحافي لبناني من مواليد عاليه تنقل بين صيدا وبيروت . درس العلوم السياسية، وعمل في مجال الصحافة السياسية والأمنية لأكثر من 21 عاماً. تنقل بين أكثر من وكالة أنباء أجنبية. علم الخط هوايته الأولى لكن ما لبثت أن تحولت هذه الهواية الى مهنة تفرّغ لها منذ العام 2010. قدم للمعرض 12 لوحة. في حديث له لـ"النشرة" يقول: أنا لا أنتمي الى أي مدرسة أو نوع من علم الخطوط. أرسم ما اشعر به. أختار كلمة وأكررها أكثر من مرة، وهذا التكرار يشكل لوحة فنية معينة تأخذ شكلها النهائي بنفسها.

وعن لوحاته قال: في رصيدي 25 لوحة واسعى لرسم المزيد والانتشار أكثر.

وعن المعرض المشترك قال: جمانا صديقة أعرفها منذ زمن ولكنني لم أكن أعرف أنها تعمل في مجال الخط. ولكن حين قررت التفرغ للرسم بالخط وجدت أنها أيضاً ترسم. وبالصدفة تعرّفنا على إفيريت وقررنا إقامة معرضا مشتركاً.

إفرت باربي

خطاط أميركي. درس الخط الاسلامي في دمشق عام 2009. إنتقل الى لبنان العام الماضي بعد أن أنهى رسالة الماجيستير في إدارة الأعمال من جامعة أدنبرغ في إسكوتلندا. هدفه الاضاءة على ما يحويه الشرق الأوسط من غنى في الثقافة والحضارة. في حديثه للنشرة يقول: علم الخط هواية قررت تحويلها الى مهنة أعتاش منها.

تابع: أعتمد على الخط الديواني في عملي. ورسمت حتى الآن أكثر من 100 لوحة.

وعن إختياره للخط العربي قال: الخط العربي حضارة عريقة، تناقلت بين الاجيال ولا تزال. وهو أكثر جمالاً وروعة من الخط الأجنبي.

أضاف: وما يميّزه أكثر أن الحرف العربي يقّدره العرب بشكل كبير خصوصاً لأنه مرتبط بالحضارة والدين الاسلامي.
وعن الصعوبات التي يواجهها قال: لا أزال حتى اليوم أواجه صعوبة في الترجمة وفي حفظ اللغة العربية.

تجدر الاشارة، أن مؤسسة أرت لونج تأسست عام 2004 مركزها بيروت. تقيم العديد من المعارض لفنانين من لبنان ومن الخارج، فضلاً عن النشاطات الاجتماعية والفنية من موسيقى وتوقيع كتب وعرض أفلام لمخرجين وغيرها.